بقلم مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة
اليوم العالمي للمرأة مناسبة متجددة لنكرم النساء في مختلف أنحاء العالم ونحتفل بدورهن في ارتقاء البشرية على سلم الحضارة الإنسانية.
واعترافا بالدور المحوري للنساء والفتيات في صنع مستقبل مشرق، تقام المناسبة هذا العام تحت شعار "المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام".
وفي خضم أزمة المناخ التي تعيشها الإنسانية فإن تعزيز المساواة بين الجنسين تصبح التزاما أخلاقيا، إذ عادة ما تتحمل النساء والفتيات قبل غيرهن التداعيات البيئية والاقتصادية والاجتماعية لتغير المناخ. حيث تتعرض النساء والأطفال للوفاة أثناء الكوارث أكثر 14 مرة من الرجال. كما تشكل النساء حوالى 50 % من العمال الزراعيين في البلدان النامية، وهن وبسبب هشاشة وضعهن أكثر عرضة للفقر وتراجع قدرتهن على تأمين الغذاء عند حدوث جفاف وخراب المحاصيل الزراعية بسبب التغير المناخي.
لذلك من الأهمية انخراط النساء في صياغة استراتيجيات مواجهة تغير المناخ، نظرا لقدرتهن على تعزيز العمل المناخي بطرق عدة، وامتلاكهن خبرات ومهارات قيمة في الاستعداد للكوارث وإدارة المخاطر، يجب الاستفادة منها عند وضع الحكومات الخطط المستقبلية لخفض مسببات هذا التغير والتكيف مع تداعياته.
ويشهد عالمنا حالياً تزايد كبير في أعداد رائدات الاعمال البيئيات، كون المرأة أكثر ميلاً من الرجال إلى المساهمة في استثمارات تمنح أولوية للعوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
كما أن المرأة هي المسؤول الأول عن قرارات الشراء المنزلية في مجالات مثل الطعام والسفر والطاقة، وهي القرارات التي تتوالد عنها نسب انبعاثات عالية، وبالتالي فهن الاقدر على تخفيف الانبعاثات المنزلية بشكل كبير. ولا ننسى دورهن كأمهات معنيات بتثقيف الأطفال وتنشئة الجيل القادم من المواطنين العالميين القادرين على حمل شعلة مكافحة تغير المناخ واتخاذ قرارات مسؤولة.
ولا يمكن إلا أن نلحظ مشاركة النساء النشطة في جهود العمل من أجل المناخ وتسلمهن أدوارا قيادية، فطوال السنوات الاثنتي عشر الماضية شغلت العديد من النساء مناصب قيادية في "الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (UNFCCC)، وهي وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن دعم الاستجابة العالمية لتغير المناخ، وهنا نستذكر كريستيانا فيغيريس، المهندسة البارزة لـ "اتفاق باريس"، وباتريشيا إسبينوزا التي لا تزال تقود الأمانة العامة إلى هذا اليوم، وفي يوم المرأة العالمي، نحتفل بأمثال تلك النسوة اللاتي كن مصدر إلهام حقيقي، وأنقذت مساهمتهن القيمة بالعمل المناخي حياة ما لا يحصى من الناس.
ومن دواعي الفخر على الصعيد الشخصي أن أكون أول امرأة تشغل منصب وزير التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن أقود الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة لتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها.
إن التنوع والشمول أمران حاسمان بالعمل المناخي البنّاء، ومهمتنا خلق بيئة تطلق إمكانات المرأة من خلال التعليم والتدريب وبناء المهارات اللازمة من أجل وظائف الاقتصاد الأخضر، وكلي ثقة أن النساء سيجترحن المعجزات، ويصنعن التغيير للارتقاء بالعمل المناخي.
وفي يوم المرأة العالمي أناشد الحكومات والشركات للاستفادة من قدرات نصف المجتمع، وإشراك المرأة أكثر فأكثر بجهود التعافي المناخي المستقبلي، ونحن جميعا مطالبون بتمهيد الطريق لخلق عالم يستفيد من جميع إمكانات المرأة.