شارك معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة خلال ترأسه لوفد الدولة المشارك في قمة الأمم المتحدة لـ"العمل المناخي 2019"، في مجموعة من الفعاليات العالمية الخاصة بمجالات الاستدامة والبناء والتشييد الصديق للبيئة، والحفاظ على الصحة العامة، وجودة الهواء، قدم خلالها شرحاً حول تجربة الدولة واستراتيجياتها المستقبلية في هذه المجالات ونموذج التنفيذ الفعال الذي تطبقه بالشراكة والتعاون مع كافة مكونات المجتمع، مؤكدا على أن الإمارات من الدول السباقة عالميا في تطبيق منظومة التكيف مع تداعيات التغير المناخي.
وشملت الفعاليات التي شارك فيها معالي الدكتور الزيودي اجتماع الرابطة الدولية لقوانين البناء " "شراكات من أجل طموحات: إطلاق الإمكانات الكاملة للعمل المناخي على المستوى المحلي".
البناء والتشييد
وقال معالي الدكتور الزيودي في كلمته خلال الاجتماع: " إن دولة الإمارات تمكنت خلال العقود الأربع الأخيرة من تحقيق معادلة التوازن بين النمو المتسارع في عدد السكان، والتنمية الاقتصادية، وحجم الطلب على الطاقة والمياه والغذاء والبنية التحتية وارتفاع معدل النفايات، وبين الحفاظ على البيئة واعتماد آليات مستدامة في التعامل مع موارد الطبيعة"، مشيرا إلى أنه في قطاع البناء والتشييد والإسكان الذي يمثل المساهم الأكبر عالمياً في البصمة الكربونية اعتمدت الإمارات معايير خضراء ومستدامة لضمان صداقة البيئة، وعملت خلال السنوات الماضية على اعتماد وتطبيق مفهوم المدن الذكية والمستدامة.
ووفقا للأمم المتحدة يمثل قطاع البناء والتشييد حوالي 36 ٪ من الاستخدام النهائي للطاقة عالمياً، و39 ٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذات الصلة بالطاقة، ويمكن أن يصل هذا الرقم إلى 50 ٪ بحلول عام 2050.
وأشار معاليه إلى أن هذه المعايير والآليات المستدامة في البناء والتشييد ساهمت في تصنيف الإمارات ضمن الدول الـ 10 الأفضل – خارج الولايات المتحدة – من حيث عدد المباني الحاصلة على شهادة LEED العالمية، كما تأتي الدولة في مقدمة دول المنطقة في تنفيذ المدن المستدامة عبر "مدينة مصدر"، والمدينة المستدامة في دبي.
ولفت معاليه إلى أن العمل وفق منظومة متكاملة من معايير الاستدامة وصداقة البيئة في قطاع البناء والتشييد من دوره تعزيز كفاءة القطاعات كافة في التكيف مع تداعيات التغير المناخي والظواهر المناخية المتطرفة، وتخفيف معدلات الانبعاثات التي تمثل السبب الرئيس في التغير المناخي.
جودة الهواء
وخلال مشاركته في الاجتماع رفيع المستوى لـ "تحالف المناخ والهواء النظيف" أكد معالي الدكتور الزيودي على أن رفع معدلات جودة الهواء تمثل أحد أهم التحديات التي تواجه تحقيق الاستدامة، لذا تم تضمينه كأحد العناصر والمستهدفات الرئيسة لرؤية الإمارات 2021 والتي تسعى لتحقيق الاستدامة على مستوى كافة القطاعات.
وأوضح أن دولة الإمارات وبفضل توجيهات قيادتها الرشيدة حرصت على تعزيز الأطر المؤسسية والتشريعية التي يمكن عبرها رفع معدلات جودة الهواء بطريقة متكاملة بما يتماشى مع توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر، مشيراً إلى أن وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع الجهات المعنية انتهت مؤخراً من التقرير الأول لجرد انبعاثات الهواء في الدولة، والذي سيساهم في توضيح الصورة كاملة وتعزيز عملية صناعة القرار والسياسات المستقبلية بخصوص إدارة جودة الهواء.
الصحة والمناخ
وأشار معالي الدكتور الزيودي خلال مشاركته في اجتماعات منظمة الصحة العالمية بعنوان " "تكيف أنظمتنا الصحية مع التغير المناخي وتلوث الهواء " على هامش قمة الأمم المتحدة لـ"العمل المناخي"، إلى أن العديد من الأبحاث الحديثة أظهرت أن التغير المناخي وما يحمله من تداعيات يمثل التحدي الأكبر حالياً للصحة العامة للبشر في المقام الأول وللبيئة بشكل عام.
ووفقا للإحصاءات العالمية تتسبب تداعيات التغير المناخي في تشريد 23 مليون شخص سنوياً، فيما يتسبب تلوث الهواء في تسجيل 7 إلى 9 ملايين حالة وفاة سنوياً.
وقال معاليه أن التعامل مع هذا التحدي الكبير يتطلب التحرك المسبق وتكثيف جهود الاستثمار في التكيف مع تداعيات التغير المناخي، لافتا إلى أن الدراسات الاقتصادية أثبتت أن كل دولار أمريكي يتم إنفاقه على منظومة التكيف من دوره توفير 7 إلى 12 دولار من تكلفة الإغاثة وإعادة التأهيل التي تتسبب فيها الظواهر المناخية المتطرفة.
وحول الجهود المبذولة في دولة الإمارات للحفاظ على الصحة العامة وقدرة القطاع الصحي على مواجهة تداعيات التغير المناخي أوضح معاليه ان وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة ووقاية المجتمع أعدت تقرير متكامل حول تأثير تداعيات التغير المناخي على القطاع الصحي في الدولة وخلصت منه إمكانية تشكيل هذا التغير لثلاثة تحديات رئيسية هي تأثير ارتفاع درجات الحرارة على القدرة الإنتاجية للأفراد، وعلى فئات المجتمع ممن يعانون من إشكاليات صحية مسبقة وبالأخص كبار السن والأطفال، واحتمالية ارتفاع أمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بزادة معدلات تلوث الهواء، وتضرر البنية التحتية للقطاع الصحي وتعطل الخدمات في حال وقوع ظواهر مناخية متطرفة ومنها ارتفاع مستوى البحر وموجات المد البحري العالية.
وأشار إلى أن دولة الإمارات بفضل قيادتها الرشيدة واستشرافها للمستقبل، عملت على تطوير القطاع الصحي وتحقيق الاستدامة في كافة مشتملاته، عبر منظومة متكاملة من التشريعات والبرامج والمبادرات بما يضمن قدرته على التعامل مع تداعيات التغير المناخي.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن تنفيذ الدول لمساهماتها الوطنية المحددة (NDCs) المعلن عنها بموجب اتفاقية باريس، سيساعد على إنقاذ مليون شخص سنويًا، وبالأخص في البلدان الخمسة عشر التي تنبعث منها معظم غازات الدفيئة.
وحول هذه الجزئية أكد معالي الدكتور الزيودي أن دولة الإمارات لا تحرص فحسب على الوفاء بالتزاماتها الطوعية للعمل من أجل المناخ وتنفيذ مساهماتها الوطنية المحددة، بل تعمل بشكل دائم على تطويرها ورفع سقفها عبر الانضمام إلى التحالفات العالمية المتخصصة في هذا المجال، والمشاركة بقوة في مبادراتها وبرامجها.
المستقبل والغذاء
وحضر معالي الدكتور الزيودي ضمن جدول أعماله حفل استقبال بعنوان "تأمين مستقبلنا: الناس والغذاء والطبيعة لمواجهة التحديات العالمية"، نظمته National Geographic ، واتفاقية التنوع البيولوجي ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وركز الحدث على الفرص المتاحة لتحويل آليات استخدام الغذاء والأراضي لحماية النظم الإيكولوجية، وتحقيق سبل عيش مرنة.
وشهد حفل الاستقبال إطلاق تحالف الطموح العالي للطبيعة والبشر، وأعلن معالي الدكتور الزيودي انضمام دولة الإمارات إلى التحالف الوليد.
لقاءات ثنائية
وضمن جدول أعماله في اليوم الذي يسبق الافتتاح الرسمي لقمة الأمم المتحدة لـ"العمل المناخي 2019"، عقد معالي الدكتور الزيودي عدد من اللقاءات الثنائية مع مسؤولين وصناع قرار عالميين، ومنهم لقاء مع معالي ريتشارد بروتون ، وزير الاتصالات والعمل المناخي والبيئة في أيرلندا، ولقاء مع إم سان جيان رئيس منظمة الحفظ الدولية، وبوري اليخانوف نائب رئيس المجلس التشريعي، رئيس الحركة البيئية في أوزبكستان.